بقلم : سليم سليم
" خضر عدنان " اسمٌ عشق الفلسطينيون ترديده ,وأحبوا كثيراً سماعه , وأدمنوا ترديده لأنه بات يُشعرهم
من خلاله بنشوة الإنتصار , إنتصار الإرادة الفلسطينية التي تمثلت فيه على إرادة الإحتلال الذي حاول جاهداً من خلال كل الوسائل والطرق أن يكسر إرداته وعزيمته بإيقاف إضرابه المفتوح عن الطعام حتى أنتصر في النهاية الكف على المخرز أنتصر الضحية على الجلاد أنتصر خضر عدنان على دولة الإحتلال .
بعد ستة وستين يوماً على الإضراب المفتوح عن الطعام جاء إنتصار الشيخ خضر عدنان من خلال قرار محكمة الإحتلال القاضي بعدم تجديد الإعتقال الإداري للشيخ خضر عدنان إنه حقاً إنتصارٌ إنساني فلسطينيٌ تاريخيٌ كبير.
لقد خفّ وزن الشيخ خضر عدنان نعم من خلاله إضرابه عن الطعام , لكن كل جرام نقص من وزنه كان بمثابة ألف جرام في كرامتنا كفلسطينين , لقد تدهورت صحة الشيخ خضر نعم ولكن كرامته وكرامتنا معه
لم تتدهور , ولقد أصبح رمزاً وطنياً فلسطينياً , ورمزاً إنسانياً وهذا ما كشفه حجم التضامن معه الواسع في العالم فقد كانت بورصة خضر عدنان هي الأكثر ربحاً من خلال التدوين على مواقع التواصل الإجتماعي مثل الفيس بوك والتويتر .
يتزامن الإفراج المرتقب عن الشيخ خضر عدنان في السابع عشر من إبريل نيسان مع يوم الأسير الفلسطيني , هو إذاً إنتصارٌ للأسرى الفلسطينين , وأسرى الإعتقال الإداري على وجه التحديد لأن الشيخ خضر قد فتح قضيتهم ولا يجب إغلاقها إلا بإنهاء معاناتهم , ونعلم بأن الإعتقال الإداري الذي يبقى فيه الأسير داخل السجن دون توجيه أي تهمة له وهو من مخلفات الإنتداب البريطاني وهو غير قانوني ومجحف , وقد فتح الشيخ خضر من خلال إضرابه الباب على مصراعيه لتفعيل وتدويل قضية الأسرى الفلسطينين على مستوى العالم .
شكل إضراب الشيخ خضر عدنان سابقة فلسطينية هي الأولى بهذا الحجم وهذه المدة الطويلة , ما يدل على الإصرار والعزيمة الفلسطينية التي لا حدود لها التي كشف عنها الشيخ خضر , لقد دخل الشيخ خضر دون أن يريد موسوعة جينس الفلسطينية من أوسع أبوابها , و لا داعي اليوم لنقول عن إضراب الأسرى على الطريقة " الإيرلندية" التي لا ننكر فضلها على أسرانا , ولكن بإمكاننا الآن أن نقول عن أي إضراب قادم للأسرى على طريقة " خضر عدنان " .
خضر عدنان أصبح مدرسة فلسطينية نفخر بها ونتعلم منها الإرادة الصلبة التي يمتلكها الفلسطيني الأعزل والتي تذكرنا بأنه لا يمكن أن يضيع حقٌ وراءه مطالب , وأن الكرامة هي أغلى ما نملك وهي بالتالي أغلى من الطعام و قد رفع الشيخ خضر شعار " كرامتي أغلى من الطعام " , فلا يمكن لأحدٍ أن يمس بكرامة الفلسطيني مقابل أي شيئٍ كان , فلتكن الكرامة الفلسطينية هي خط أحمر لا يمكن لأحدٍ أن يتجاوزه .
لم تقل فرحتنا بإنتصار خضر عدنان عن فرحتنا بصفقة وفاء الأحرار التي أنجزتها المقاومة خلال شهر أكتوبر 2011 مع أن الصفقة التي أفرجت عن 1500 من الأسرى الفلسطينين , وصفقة خضر عدنان ستفرج عن واحد , وقد تشابهت إلى حدٍ ما الأجواء الإبتهاجية في فلسطين التي عمت خلال الإنتصارين , وربما سنشهد إحتفالات وطنية كبيرة في الضفة و غزة بعيد الإفراج عن الشيخ المنتصر.
هنيئاً للرجل المنتصر الذي قهر دولة , وهنيئاً لشعبه و لكل من تضامن معه , هنيئاً لعائلته و لزوجته التي أقفلت هاتفها حتى لا يصلها خبر إستشهاده وبإمكانها أن تبقى الآن جوالها مفتوحاً لتتلقى إتصالات التهاني بالإنتصار , هنيئاً لطفلاتاه اللتان كانتا تقفان أمام سجن عوفر تتنتظرناه فحق لهم الآن أن يفرحا بأبيهما الذي وعدهما بأن يشترى لهم الألعاب وأن يذهب بهم لأماكن الترفيه .
و إذا كان خضر عدنان وهو أسيرٌ فلسطيني واحد قد تمرد على السجان وأعلن الإضراب عن الطعام حتى الحرية إلى أن أنتصر فعلاً وتحققت مطالبه وتضامن العالم معه , فلماذا لا نفكر جلياً بأن يخوض الأسرى مثل معركته وتستمر معركتهم أياماً طويلة على طريقته , وليرافق ذلك حراكٌ فلسطيني وعربيٌ ودوليٌ للضغط على الإحتلال بالإفراج عن الأسرى ؟!
22-2-2012