أهلا ومرحباً بكم .. إلى مدونتكم

الاثنين، 13 يونيو 2011

متسول البحر


بقلم : سليم محمد سليم

بينما كنا جالسين في إحدي إستراحات غزة على شاطئ البحر أنا وصديق لي نستمتع بنسمات الهواء الباردة علنا نحاول أن نروح عن أنفسنا ساعة بعد ساعات من العمل , فإذا بشابٍ عشريني يقتحم علينا جلستنا طارحاً السلام فرددت عليه السلام و رد صديقي : " أهلا وسهلا " ومع أن قد رددنا عليه السلام قال "الواحد بيرد عليكم السلام بتردوا عليه ما تقولوا أهلا وسهلا " بهذه الكلمات دخل ليحاول إظهار نفسه وكأنه رجلٌ ملتزم بالدين والأخلاق , ثم أخذ بكرسيٍ من جانبنا وجلس دونما إستئذان , إستغربنا لحاله هذا , فإذا به سرعان ما يخرج من داخل ملابسه عدة أوراق , فسلمنا إياها , تخوفنا لوهلةٍ كون أفعال الرجل تبدو غريبة , فأخذت الملف وتفحصت ما فيه فإذا به تقريرٌ طبي يفيد بأن الرجل هو مريض بالصرع إنتهيت من ذلك وأعطيته لصديقي حتى فعل نفس ما فعلت ثم أعطى الرجل التقرير .



بعد ذلك طلب الشاب الذي يدعي أنه مريض منا مساعدة مالية وبدأ بلهجة إستعطافية يداعب مشاعرنا لنعطيه بعضاً من المال حتى يدبّر أموره فيه كما يدعي, في البداية تعاطفنا مع الرجل دونما نعطيه مالاً لأننا لا نحمل إلا ما يكفي حاجتنا من جهة ومن جهةٍ أخرى لأن الرجل يبدو قادرٌ على العمل ويستطيع أن يأتي بالأموال لينفق على نفسه فبالتالي لا حاجة لأن نعطيه .



لم يمل الرجل فبدأ يدخل معنا في حوار يوضح فيه حالته الصحية مرة تلو أخرى فأخذ بالتفصيل بأنه يعاني مرض الصرع و يأتيه كل يوم جمعة من كل أسبوع فرددت عليه : " ما دام الصرع يأتيك كل جمعة بإمكانك أن تعمل طوال الأسبوع ويكون الجمعة يوم إجازتك فلا يعلم أحدٌ بمرضك حتى لا يؤثر عليك , فرد : " ما بينفع " !.



لعل الأهم في الموضوع كله هنا أنه كشف لنا بعدها أنه يقوم يومياً بهذا الدور الذي يمارسه معنا كمتسول على شاطئ البحر ليتنقل عبر شاطئ بحر غزة من الشمال إلى الجنوب من ساعات الصباح الباكر حتى ساعات المساء باحثاً عن أناس يحاول أن يستعطفهم ليحصل منهم على المال , وبحسب قوله فإن يوميته تبلغ " 2500 " شيكل يومياً أي قرابة 700 دولار وأنه يوفر مبلغاً يقارب 9 آلاف دينار أردني وبقي عليه ألف دينار بحسبه حتى يتم 10 آلاف ليتزوج فيهن ليواصل مهمة "الشحدة" بعد الزواج , ذهلنا من هذا كيف له أن يحصل على هذا المبلغ في غزة , وقلنا له نحن الذين نعمل كموظفين منذ سنوات لم نستطع أن نحصل هذا المبلغ ولا حتى نصفه ولا ثلثه ثم إن دخلك اليومي الذي تجمعه هو أكثر من دخلنا الشهري فكيف بك توفره بهذه السهولة ؟! أنتا تخدع الناس إذا وعليه أموالك كلها حرام فعليك أن تتوقف عن هذا وتتق الله , فرد بالقول بلغته العامية : " هذه الطريقة ما بتوفي معي" !



على كل حال .. ربما هذا واحدٌ من المخادعين داخل المجتمع و قد يكون مثله العديد فكلٌ مجتمع فيه الصالح والطالح وفيه الطيب والخبيث ولكل قاعدةٍ شواذ , فيجب علينا أن نكون على حذر من هؤلاء وأن لا نقع ضحية لأكاذيبهم المكشوفة يأن نشفق على أحوالهم بمشاهد يجيدون تمثيلها , فهناك من أستطاع أن يبني العمارات ويشتري السيارات و هناك من كانت يوميته شيئاً خيالياً كصاحبنا هذا , وعليه يكونوا هؤلاء أغنى مني ومنكم ولكنهم يلبسون عباءة الفقر ليزدادوا غناً بالحرام ويزدادون معه ذلاً ومهانة في الدنيا وحساباً وعقاباً في الآخرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق